باريس- معا- ارجع رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض ما تشهده العواصم العربية من احتجاجات لا سيما مصر الى الفشل في حل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني .
وقال فياض انه يعتقد ان التظاهرات في الدول العربية تنبع جزئيا من الاوضاع الداخلية في تلك البلدان ولكن أيضا من الشعور بالإحباط، واليأس بسبب فشل الجهود الرامية إلى حل المشكلة الفلسطينية
وفي الوقت الذي اعتبر فيه فياض أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي يشكل عنصر عدم الاستقرار الرئيسي لمنطقتنا، فقد أشار إلى أن ما تشهده المنطقة والرغبة الجدية لدى شعوبها لتحقيق الإصلاح السياسي، وانجاز تطلعاتها المشروعة في المواطنة والمشاركة والديمقراطية، والتغلب على حالة الإحباط التي عاشتها بفعل عوامل متعددة، أبرزها فشل المجتمع الدولي حتى الآن من تحقيق السلام العادل وإنهاء الظلم الذي يعانيه شعبنا، يشكل فرصة جدية للمجتمع الدول في تحقيق السلام العادل والدائم لشعوب المنطقة، وتمكين شعبنا من نيل حقوقه الوطنية المشروعة التي أكدتها قرارات الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حقه في الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، وكذلك تمكين شعوب المنطقة من التخلص من ويلات الحرب والانتقال إلى مرحلة التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية.
وفي رده على سؤال حول كيف ينظر رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض للأوضاع في مصر، وهل لذلك انعكاسات وتأثيرات على الأوضاع في فلسطين؟ أجاب رئيس الوزراء " لا أرغب بأن انضم إلى قائمة المتطوعين الطويلة التي أبدت النصائح خلال الفترة الماضية"
وأضاف "أما ما يخص إذا ما كان للأوضاع الحالية في مصر أثر وانعكاسات على الوضع في فلسطين، أقول نحن لا نرى في المطالبات الشعبية بالإصلاح السياسي وتكريس حقوق المواطنة والمشاركة وتعميق الديمقراطية والعدالة وغيرها من المطالب المشروعة تهديداً لنا في فلسطين، بل إن جوهر برنامج عمل السلطة الوطنية الفلسطينية، والذي أعلناه في آب 2009، لتحقيق الجاهزية الوطنية لإقامة دولة فلسطين من خلال استكمال بناء مؤسساتها وبنيتها التحتية، إنما يرتكز أساساً على تحقيق المشاركة الشعبية الواسعة في هذه العملية، وبناء هذه الدولة على الأسس والمبادئ والقيم التي تحقق وتعزز الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان وحماية الحريات وترسيخ العدالة الاجتماعية بين كافة المواطنين، بالإضافة إلى منع التمييز، ونأمل أن تتمكن مصر وشعبها من اجتياز هذه الأزمة، بما يحمي انجازاتها، وتحقيق المطالب المشروعة بالديمقراطية والإصلاح السياسي والمشاركة الشعبية.
واجرى فياض مباحثات رسمية في باريس اليوم الخميس، مع نظيره الفرنسي فرانسوا فيون، تركزت حول أهمية تأكيد وتعزيز الإجماع الدولي للوفاء باستحقاقات سبتمبر 2011، والمتمثل بتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقه في تكريس دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس.
وشدد رئيس الوزراء، على أن السلطة الوطنية تسير بخطى حثيثة لاستكمال الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة، وفي مقدمتها بناء المؤسسات القوية والقادرة على تقديم أفضل الخدمات للمواطنين بإنصاف وعدالة وكفاءة.
واعتبر فياض الذي كان قد وصل يوم أمس الاربعاء، إلى العاصمة الفرنسية باريس في زيارة رسمية بدعوة من رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون، أن انجاز هذا الاستحقاق الوطني والإقليمي والدولي، يستدعي تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته العملية والمباشرة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وعدم الاستمرار بالمساح لأصوات المستوطنين وإرهابهم بأن يقرر مصير المنطقة .
وقال فياض "آن الأوان كي يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته العملية والمباشرة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وبصورة فورية، عن كامل الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967"، وأضاف "إن تحقيق ذلك يستجيب ليس فقط للمصالح الوطنية لشعبنا الفلسطيني، بل انه يعبر عن الإجماع الدولي، ومصلحة الشعب الإسرائيلي نفسه، وهو يتطلب إلزام الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن المراوغة ومحاولاتها التنصل من قواعد القانون الدولي، والامتثال لإرادة شعوب العالم والمنطقة بضرورة الإنهاء الفوري لاحتلالها الذي طال أمده، والذي يشكل العنصر الأهم لعدم الاستقرار في المنطقة".
وشدد رئيس الوزراء على أن تفعيل موقف الإجماع الأوروبي الذي عبر عنه إعلان ديسمبر 2009، وجرى التأكيد عليه مجدداً في ديسمبر الماضي، من خلال اتخاذ خطوات عملية ملموسة، سيمكن من تعزيز الإجماع الدولي حول عناصر التسوية السياسية التي تضمنها الإعلان، والكفيلة بضمان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرضنا المحتلة، ويساهم في تطوير دور اللجنة الرباعية وقدرتها على تحقيق ذلك.
وأكد فياض على أن المأزق الذي تعاني منه العملية السياسية في هذه المرحلة بسبب تعنت الحكومة الإسرائيلية، واصراراها على مواصلة سياسة الاستيطان والحصار، لا يجب أن تعرقل الجدول الزمني الذي جرى الإعلان عنه، أو التمسك باستحقاق أيلول سبتمبر 2011، وبما يجعل من هذا الاستحقاق وقيام دولة فلسطين المستقلة محطة أساسية لعنوان المرحلة القادمة لمنطقتنا التي تشهد رغبة جامحة نحو التغيير.
وأكد رئيس الوزراء خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره الفرنسي، إصرار السلطة الوطنية على تحقيق الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة، وبما يمكن من تعزيز الإجماع الدولي المتنامي للوفاء باستحقاق دعم إرادة شعبنا لإقامة دولته وضمان إنهاء الاحتلال خلال هذا العام.
من جانبه أعرب رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون، عن تقديره وإعجابه الشديدين للانجازات التي تحققها السلطة الوطنية في مختلف المجالات، وبما يجعلها قادرة على الوفاء بالالتزام الذي قطعته على نفسها في الإعداد الكامل لإقامة دولة فلسطين خلال هذا العام.
وأكد فيون، حرص فرنسا على أن يكون مؤتمر الأطراف المانحة قادراً ليس فقط على توفير برنامج الدعم المالي الكفيل بمساندة الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية في تنفيذ برنامجها لإقامة الدولة، بل وتوفير الدعم السياسي الكفيل بجعل المؤتمر محطة هامة لمساندة الاستحقاق الفلسطيني لإقامة الدولة الفلسطينية، وقال "اتفقنا مع رئيس الوزراء على عقد مؤتمر المانحين في حزيران القادم، بشرط أن يكون قادراً كذلك على توفير الإجماع السياسي لجعل المؤتمر أداة إضافية لتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته".
هذا ويواصل رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض زيارته إلى باريس، حيث يجتمع مساء اليوم في قصر الاليزيه مع الرئيس الفرنسي ساركوزي، كما يعقد اجتماعاً مع رؤساء مؤتمر باريس، بحضور مفوضة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي البارونة أشتون، ووزيري الخارجية النرويجي والفرنسي، وذلك لبحث التحضيرات لمؤتمر المانحين في حزيران القادم.
وكان رئيس الوزراء قد عقد صباح اليوم اجتماعين منفصلين مع رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشير، ورئيس الجمعية الوطنية الفرنسية "البرلمان" برنار أكوايير، وضعهما في صورة التطورات في الأرض الفلسطينية المحتلة، وإصرار الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية على تحقيق الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة، وما يتطلبه ذلك من حرص شديد على إنهاء حالة الانقسام، واعتبر أن التحضير الجدي للانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية، يشكل أداة هامة لإعادة الوحدة للوطن لضمان تلك الجاهزية، وأشار إلى ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته الكاملة في إنهاء الاحتلال وعدم السماح لإسرائيل في الاستمرار بالقفز عن قرارات الشرعية الدولة وقواعد القانون الدولي.